تاريخ داء السكري يمتد عبر قرون طويلة، حيث تم توثيقه لأول مرة في الحضارات القديمة. في مصر القديمة، حوالي 1550 قبل الميلاد، وُصف المرض في البرديات كحالة تتميز بالتبول المفرط وفقدان الوزن السريعة في الوقت ذاته تقريباً، لاحظ الأطباء في الهند أن بول المرضى يجذب النمل بسبب احتوائه على السكر، ما دفعهم إلى تسمية المرض بـ”مادوهوميها”، أو البول الحلو

على مر العصور، كان الأطباء يحاولون فهم هذا المرض الغامض في العالم الإسلامي، قدّم العالم ابن سينا في القرن الحادي عشر توصيفاً أكثر دقة لأعراض المرض، مثل العطش الشديد وفقدان الوزن، مضيفًا فهمًا جديدًا حول هذا الداء بينما في أوروبا العصور الوسطى، بدأ الأطباء في التمييز بين أنواع مختلفة من مرض السكري، حيث لاحظوا وجود حالات ترتبط بزيادة التبول وأخرى بتراكم السوائل في الجسم

في القرن التاسع عشر، حقق الطب تقدمًا كبيرًا عندما أثبت الطبيب البريطاني ماثيو دوبسون وجود السكر في بول مرضى السكري، مؤكدًا أن المرض مرتبط بخلل في استقلاب السكر. وبحلول أوائل القرن العشرين، كانت الأبحاث تشير إلى أن البنكرياس يلعب دورًا حاسمًا في المرض، لكن الحل العلاجي لم يكن متاحًا بعد

ثم جاء الاكتشاف العظيم في عام 1921 عندما تمكن الطبيب الكندي فريدريك بانتينغ ومساعده تشارلز بيست من عزل الأنسولين، مما أتاح للمصابين بداء السكري التحكم بمستويات السكر في الدم لأول مرة في التاريخ. هذا الاكتشاف غيّر مسار علاج السكري بشكل جذري، وسرعان ما بدأ تطوير أنواع مختلفة من الأنسولين لتلبية احتياجات المرضى

في العصر الحديث، استمرت الثورة العلمية في تحسين حياة مرضى السكري، حيث ظهرت أدوية جديدة وتقنيات مراقبة متقدمة، مثل أجهزة مراقبة السكر المستمرة والعلاجات التي تعتمد على الخلايا الجذعية اليوم، الأبحاث مستمرة لفهم الجوانب الوراثية والمناعية للسكري، مع التركيز على تطوير علاجات أكثر فعالية

تاريخ داء السكري يعكس رحلة طويلة من الاكتشاف والتقدم، من الأوصاف البدائية إلى الأنسولين والأدوية الحديثة، مما يعطي الأمل لملايين المرضى حول العالم

وحيد جلال 

×